تبنت السعودية مبادرة طموحة لتصنيع السيارات الكهربائية ضمن حملتها لتنويع الاقتصاد، إذ تعتزم ضخ المليارات لإنشاء مركز لتصنيع السيارات الكهربائية بهدف إنتاج 500 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2030، وفقاً لما ذكرته صحيفة “فايننشال تايمز”،
وتعتزم شركة “لوسيد موتورز” الأميركية، التي استحوذت السعودية فيها على حصة الأغلبية بتكلفة تقارب ملياري دولار، إنتاج نحو ربع الإنتاج المستهدف في المملكة. يأتي ذلك فيما تأمل السعودية أن يمنح الانتقال إلى الطاقة النظيفة البلاد فرصة أفضل للنجاح، حيث يصعب للغاية اقتحام سوق محركات البنزين بسبب هيمنة شركات صناعة السيارات في أوروبا والولايات المتحدة واليابان.
المملكة في مواجهة منتجي السيارات الكهربائية الكبار
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله، إن سوق السيارات الكهربائية يوفر ساحة لعب أكثر تكافؤاً من محركات الاحتراق التقليدية، وسيضع المملكة في مواجهة منتجي السيارات الكهربائية الكبار الآخرين مثل الصين وألمانيا والولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للسعودية أن تستخدم قوتها المالية “لشراء” حصص في شركات السيارات الكهربائية.
بدورها، قالت كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، مونيكا مالك: “إنه قطاع تم تطويره بالفعل”. ويمكن للسعودية شراء شركات جاهزة والاستثمار فيها بدلاً من بناء شيء ما من الصفر”.
يواجه ذلك بعض التحديات الخاصة بمنافسة دول مثل الصين بقاعدتها القوية لتصنيع السيارات الكهربائية، والتكنولوجيا المتقدمة، والإنتاجية العالية، وتكاليف العمالة الرخيصة. لكن مع ذلك، يتم التخطيط لتصنيع السيارات الكهربائية كركيزة مهمة في حملة التنويع في المملكة، والتي يشرف عليها صندوق الاستثمارات العامة.
وتهدف المملكة من خطتها لتنويع الاقتصاد وفقاً لـ”فايننشال تايمز”، إلى توسيع القوة العاملة المحلية، وتعليم العمال مهارات جديدة وخلق فرص عمل في القطاع الخاص، مع جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. تتضمن الخطة الاقتصادية الأوسع للبلاد إنشاء مدينة جديدة مستقبلية “نيوم” ومركز مالي في الرياض ومنتجعات سياحية.
ويعد إنتاج السيارات الكهربائية أمراً أساسياً للمبادرة لأن المملكة تهدف إلى الاستفادة من التوسع المتوقع للصناعة. قالت وكالة الطاقة الدولية إن السيارات الكهربائية يجب أن تشكل حوالي 60% من السيارات المبيعة سنوياً بحلول عام 2030، إذا كان سيتم الوصول إلى أهداف صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.
السيارات الكهربائية في المملكة
وفي هذا الإطار، خصصت المملكة أرضاً بمساحة مليون متر مربع لشركة “سير” لتصنيع السيارات الكهربائية، والتي تأمل الدولة أن تنتج 170 ألف سيارة سنوياً بالشراكة مع مجموعة التكنولوجيا التايوانية “فوكسكون”، و”بي إم دبليو” الألمانية.
ومن المقرر أن يتم طرح أولى سياراتها للبيع في عام 2025. كما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة أغلبية في “لوسيد موتورز”، التي تخطط لإنتاج 150 ألف سيارة سنوياً في المملكة في عام 2025، ووقع عقوداً مع “هيونداي” ومجموعة “Enovate” الصينية للسيارات الكهربائية.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة “نومورا” لإدارة الأصول في الشرق الأوسط، طارق فضل الله، إن تأسيس صناعة للسيارات الكهربائية ستخفض بشكل كبير فاتورة الواردات في المملكة. إذ تمثل السيارات 15% من فاتورة الواردات السعودية وهي أكبر مستهلك للعملة الأجنبية. وهناك حافز كبير لاستبدال تلك الواردات بالسيارات المنتجة محلياً.
بالإضافة إلى ذلك، تتلاءم مبادرة المملكة للسيارات الكهربائية مع هدفها المتمثل في الوصول إلى أن يصبح 30% من جميع المركبات في الرياض كهربائية بالكامل بحلول عام 2030، مع وضعها ضمن أكبر 5 منتجين في العالم.
صناعة السيارات الكهربائية
وفيما تضررت صناعة السيارات الكهربائية من التضخم واختناقات سلسلة التوريد للمعادن والمكونات التي يمكن أن تمثل تحدياً أمام خطط السعودية، أطلق صندوق الاستثمارات العامة شركة للاستثمار في التعدين في الخارج لتأمين إمداداته من الليثيوم والمعادن الأخرى المستخدمة في البطاريات.
في الوقت نفسه، تخطط شركة “EV Metals” الأسترالية لصناعة البطاريات لإنشاء مصنع لهيدروكسيد الليثيوم في المملكة. من جانبها، تهدف “لوسيد” إلى بدء تجميع المركبات في السعودية هذا العام والوصول إلى سيارات مصنعة بالكامل في السعودية بحلول عام 2025.
وسيتم إنشاء مصنعي “لوسيد” و”Ceer” في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وهي منطقة على البحر الأحمر تم بناؤها لجذب الاستثمار وتعزيز الاقتصاد، والتي ستعمل كمحور لسلسلة التوريد، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي للمدينة سيريل بيايا.
بدوره، أكد العضو المنتدب لشركة “لوسيد” في السعودية، فيصل سلطان، أهمية أن تأخذ الحكومة زمام المبادرة في بناء سلسلة التوريد. وقال: “ستكون سلسلة التوريد شيئاً رئيسياً سنلاحقه. لا تأتي سلسلة التوريد عادةً لشركة مصنّعة واحدة”.