على هامش الكشف عن مرسيدس-بنز GLC الجديدة في ميونيخ، أجرى “غيرز مي” حواراً حصرياً مع كبير المصممين غوردون فاغنر. في هذا الحوار الصريح، يكشف فاغنر عن الإلهام وراء الشبك الأمامي الجديد الجريء، وعن فلسفة “النقاء الحسي”، وكيف توازن مرسيدس بين “الحب والاحترام” في لغة تصميمها.
من أين جاء الإلهام للشبك الجديد والهوية الأقوى للعلامة؟ وهل تستلهمون من مجالات أخرى مثل العمارة والثقافة؟
غوردون فاغنر: أحياناً تأتي اللحظات المهمة بشكل عفوي. ما زلت أتذكر اتصالاً من أولا [كالينيوس] الساعة الخامسة صباحاً بينما كنت في مخيم بعيد قرب غراند كانيون والجو صفر مئوي. ناقشنا بعض الأفكار وطلبت ثلاثة أيام. بعدها عرضت ما كنا نفكر فيه منذ زمن، وكانت تلك لحظة الانطلاقة.
في مركز التصميم في شتوتغارت لدينا ممر “قاعة الشهرة” حيث تُعرض شبكات تهوية مرسيدس منذ مئة عام. مشهد ملهم للغاية. وعندما أسافر، خصوصاً إلى الصين، أرى ما أسميه “بحر التشابه”: سيارات بلا هوية. ذلك أقنعني بضرورة أن تقدّم مرسيدس بياناً قوياً.
استراتيجياً، فلسفتنا هي النقاء الحسي—مزيج بين القلب والعقل، بين الحب والاحترام. في السابق ركزنا أكثر على “الحب”، سيارات مثيرة وجذابة. لكن تاريخياً ارتبطت مرسيدس أيضاً بـ“الاحترام”، رمز المكانة لمن حقق إنجازاً. أردنا إعادة إبراز هذا الاحترام دون فقدان عنصر الحب. وطبعاً، كل ما نصممه يجب أن يكون جميلاً. نحن لا نصنع أشكالاً غريبة أو حركات استعراضية. كما قال برونو ساكو: لا للزخارف الفارغة.
ما الذي يُغذي إبداعك خارج عالم السيارات؟
السفر هو المصدر الأكبر. رؤية أماكن وأشخاص جدد تبقي العين متجددة. إذا جلست في شتوتغارت تنظر إلى السيارة نفسها كل يوم، ستفقد حس النقد والإلهام. لهذا نقوم أيضاً بمشاريع خارج السيارات—عمارة في دبي وميامي، وحتى مشروع يخت فاخر جداً سنكشف عنه قريباً في معرض موناكو لليخوت.
الإبداع أشبه بتدريب للعقل. المصممون يكوّنون أدمغتهم بطريقة مختلفة. عندما أنظر إلى كوب، ألاحظ نقاء الشكل وجودة المواد؛ بينما قد يفكر شخص آخر فقط: قهوة.
مع هيمنة التكنولوجيا، كيف تحافظون على اللمسة الإنسانية، خصوصاً في تجربة الاستخدام؟
فاغنر: البداية دائماً من الإنسان. الجانب الحسي من فلسفتنا عاطفي—ما نراه جميلاً. والجانب النقي عقلاني—ما نشعر أنه حديث. في تجربة الاستخدام، البساطة أساسية. يجب أن تكون بديهية لدرجة أن حتى حماتي—التي لا تستطيع استخدام هاتف ذكي—يمكنها التعامل معها. هذا معيارنا الأصعب.
وصفت لغة تصميم مرسيدس بأنها “أسلوب مميز”. كيف تطورت منذ أن توليت المنصب عام 2008؟
كل علامة فاخرة تحتاج إلى أسلوب يمكن التعرف عليه فوراً—مثل شانيل تحت إدارة كوكو وكارل، أو آبل مع ستيف جوبز. عندما أصبحت رئيس التصميم عام 2008، سألنا أنفسنا: ما الذي تمثله مرسيدس؟ اكتشفنا أنها تجمع بين القلب والعقل. ومن هنا جاءت فلسفة النقاء الحسي—نظام التشغيل الخاص بنا.
منذ ذلك الحين تطورت من النسخة 1.0 إلى ما يسميه أولا اليوم “غوردون 2.0.” ومع وجود استوديوهات في آسيا وأمريكا وأوروبا، أطلب دائماً من الفرق: أثبتوا أن هناك ما هو أفضل. وحتى الآن، لم يقدّم أحد بديلاً أفضل.
هل ما زالت لحظات الإطلاق تثير حماسك، أم أنك تنتقل سريعاً إلى المشروع التالي؟
عندما يُعرض أي طراز، نكون قد عملنا عليه لخمس سنوات. حالياً نحن نعمل على مشاريع ستستمر حتى العقد القادم. سيارتي المفضلة دائماً هي التي أعمل عليها الآن. لكن نعم، يبقى من الرائع رؤيتها خارج قاعة العرض وفي ضوء الشمس.
ما هي السيارات الأقرب إلى قلبك من حيث الإنتاج والدراسات؟
إنتاجياً: AMG GT (الجيل الأول) من أحب السيارات لدي. أول مشاريعي كانت SLR، ثم SLS، ثم Project One. من ناحية الدراسات، Vision Mercedes-Maybach 6 تظل أيقونة حقيقية. حتى أنني قدتها إلى عشاء خاص ليلة ببل بيتش—شعرت وكأنني في فيلم هوليوودي.
كيف تتخيل شكل مرسيدس في عام 2040؟
فاغنر: أقل اختلافاً مما يتوقع البعض. كلما جرّبنا تصاميم مستقبلية مثل سيارات “الصندوق الواحد”، عاد السوق إلى النِسَب الكلاسيكية: غطاء محرك طويل، شبكة أيقونية، وقفة دفع خلفي. مقاييس الجمال لا تتغير كثيراً. نعم، ستكون هناك قيادة ذاتية ونُظم نقل جماعية، لكن الناس سيظلون يبحثون عن شيء خاص وفريد. وهنا مكان مرسيدس.
هل يغيّر المحرك الكهربائي مقابل الاحتراق طريقة التصميم الخارجي والداخلي؟
من ناحية الهوية، لا. توقفنا عن “تصميم الغاية”. سواء كهرباء أو احتراق، يجب أن تبدو السيارة مرسيدس. الشبك يختلف—محركات الاحتراق تحتاج هواء، بينما يمكن للسيارات الكهربائية أن تحمل جداراً مضيئاً—لكن الهوية أولاً.
التحدي في الكهرباء هو البطارية التي ترفع الأرضية والسقف، ما يؤثر على النِسَب. نعوّض ذلك بعجلات أكبر ووضعية أقوى. الـSUV يتقبلها أكثر من السيارات المنخفضة. وفي الداخل نفس الشيء—المقاعد أعلى بسبب البطارية. لكننا دائماً نسعى للأناقة.
هل تؤثر الموضة على سياراتكم؟
الموضة تتغير بسرعة. السيارات تحتاج 3–5 سنوات تطوير وتبقى سبع سنوات في السوق. لا نصمم وفق الموضة. لكن يمكن أن نستمد الإلهام في المواد والألوان، وأحياناً نصمم خطوط أزياء مرافقة لسيارات العرض. سيارتنا القادمة ستُعرض مع مجموعة مستوحاة من آرت ديكو، تكريماً لعصر الشبكات الكلاسيكية.
ما هي أكبر مخاطرة تصميمية اتخذتموها؟
ربما مع الجيل الأول من EQS/EQE. أردناها مختلفة جداً—أشبه بمركبة فضائية. لم نرغب فقط في “نسخة كهربائية من الفئة S.” هذا كان جريئاً. جربنا أيضاً فكرة “SUV بثلاثة أقسام”، لكنها لم تنجح للإنتاج. في مرسيدس نأخذ المخاطر، لكننا لا نساوم على الجمال.
ماذا عن الفئة G الكابروليه؟ و“البيبي G”؟
التصميم شبه منتهٍ. حالياً في مرحلة البيانات والأدوات. لن يطول الأمر كثيراً.
مشروع رائع جداً. جلب روح الفئة G إلى حجم أصغر سيكون نجاحاً ضخماً. كهربائية؟ ربما. لكن شركة واحدة فقط تستطيع صنع G حقيقية—وهي مرسيدس.
الخاتمة
من عودة الفئة G الكابروليه إلى ولادة “البيبي G”، يوضح غوردون فاغنر أن رسالة مرسيدس المستقبلية واضحة: النِسَب الأيقونية، ومزج العاطفة بالاحترام، وهوية لا تُخطئها العين—بلا زخارف فارغة.
ليلة الإحياء: حضور إطلاق مرسيدس-بنز GLC 2026 في معرض IAA ميونخ