بينما تستمر تقنيات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، وأنظمة الأمن، والتعليم، وسوق العمل، يجد العالم العربي نفسه عند مفترق طرق حاسم قد يحدد مستقبله لأجيال قادمة. ففي الوقت الذي تسرّع فيه الدول المتقدمة من وتيرة أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتطوير السياسات، وبناء البنية التحتية الرقمية، لا يزال جزء كبير من العالم العربي متأخرًا، يعاني من ضعف الاستثمار في الابتكار التكنولوجي، وندرة الكفاءات المتخصصة، وتشتت الرؤى والسياسات.

التفاوت المتزايد يشكّل تهديدًا حقيقيًا وعاجلًا:

فبدون تدخل استراتيجي، ستتحول الدول العربية إلى مستهلكة سلبية لتقنيات الذكاء الاصطناعي المستوردة، بدلًا من أن تكون شريكة في صناعتها وتوجيهها. وتترتب على ذلك تداعيات خطيرة. اقتصاديًا، قد تؤدي الأتمتة إلى إزاحة ملايين الوظائف، خاصة في الدول التي تعاني أصلًا من نسب بطالة شبابية مرتفعة. وسياسيًا، قد يُساء استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز الرقابة وتقييد الحريات، مما يرسّخ السلطوية ويُعمّق الانقسامات المجتمعية.

أما ثقافيًا وأخلاقيًا

 فإن الاعتماد على أنظمة ذكاء اصطناعي أجنبية، مبنية على بيانات وقيم غير محلية، قد يؤدي إلى تآكل الهوية الثقافية وطمس التنوع اللغوي والحضاري الغني في المنطقة. والأسوأ من ذلك، أن غياب الوعي الرقمي والبنية التحتية الكافية يجعل المجتمعات العربية عرضة لما يمكن تسميته بالاستعمار الرقمي، حيث تُستخرج بياناتها وتُحلّل وتُستغل من قبل قوى خارجية.

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا. فالعالم العربي يزخر بشباب طموح ومؤهل لدخول العصر الرقمي بقوة

 ومن خلال الاستثمار في التعليم العلمي والتقني، وإنشاء مراكز بحثية إقليمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ووضع أطر أخلاقية متوافقة مع القيم العربية، واعتماد سياسات تشجّع الابتكار وتحمي الحقوق، يمكن للمنطقة أن تتحوّل من موقع الضعف إلى موقع القيادة. لقد بدأت بعض الدول، مثل الإمارات والسعودية، اتخاذ خطوات أولية في هذا الاتجاه، لكن هناك حاجة ماسة إلى استراتيجية أوسع وأكثر شمولًا تشمل جميع الدول العربية.

لم يعد السؤال اليوم ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيؤثر في مستقبل العرب — بل كيف، ومن سيحدد هذا التأثير: هل سيكون بأيديهم، أم بأيدي الآخرين؟ إن اللحظة المناسبة للتحرك هي الآن، قبل أن تتحول هذه الفرصة التاريخية إلى خسارة دائمة.

الفطيم للتنقل الكهربائي تعيّن لو

مصنفة في:

أخبار, مقالات,