يُعدُّ النظام الصوتي في السيارة من عناصر الراحة والترفيه الأساسية للركاب، وقد تجاوز دوره مجرد التسلية ليصبح جزءًا لا يتجزأ من تجربة القيادة الحديثة. يؤكد الخبراء أن الصوت له تأثير عميق على تجربة القيادة والسلامة، فهو يؤثر في مزاج السائق وتحفيزه . وفي هذا الإطار، تتنافس شركات السيارات مع روّاد صناعة الصوت لتقديم أحدث التقنيات الصوتية داخل المقصورة. سنستعرض في هذا التقرير أبرز العلامات التجارية وأنظمتها الصوتية المتطورة في فئات السيارات الفاخرة والمتوسطة، إضافة إلى التقنيات الحديثة مثل الصوت المحيطي ثلاثي الأبعاد (3D)، ودعم Dolby Atmos، وإلغاء الضوضاء النشط، والأنظمة الذكية والمساعدات الصوتية، وكيفية توزيع السماعات داخل المقصورة.
أنظمة الصوت في السيارات الفاخرة
تتميز سيارات الفخامة بإمكانية تركيب أنظمة صوتية رفيعة المستوى من شركات متخصصة. فمثلاً، تتعاون مرسيدس-بنز مع Burmester لتجهيز سياراتها بنظام Burmester 4D Surround الصِوتي، الذي يضم 17–26 سماعة بقوة 1570 واط ؛ وتصف الشركة مظهر الصوت الناتج بأنه «صوت يبعث على الراحة كأنك تطفو عائمًا». وفي طرازات S-Class ومايباخ الأعلى، يتوفر نظام Burmester High-End 4D بـ31 سماعة ومضخم طاقة 1750 واط لتجربة صوتية محيطية فائقة.
على الجانب الآخر، تعتمد أودي على نظام Bang & Olufsen الصوتي ثلاثي الأبعاد. هذا النظام يوزع ما يصل إلى 23 سماعة في المقصورة (بما في ذلك سماعات مدمجة في أعمدة A وسقف السيارة) مع مكبرات ICEpower تصل قوتها إلى 1920 واط . ويتميز بوجود عدسات صوتية (لنسات) تظهر من لوحة القيادة لتعكس ترددات الصوت 180 درجة حول المقصورة ، مما يخلق إحساسًا غامرًا وكأنك في قاعة حفلات موسيقية.
من جانبها، تقدم فولفو وبولستار نظام Bowers & Wilkins الصديق للبيئة الموسيقية الدقيقة. ففي فولفو (مثل XC60) يظهر مضخم صوت مكشوف في منتصف لوحة القيادة إلى جانب سماعة عالية تخرج الصوت نحو السائق ، مما يوفر تجربة استماع فريدة. أما في سيارة Polestar 3 الكهربائية، فقد زوّدت الشركة نظامًا صوتيًا يضم 25 سماعة بقوة إجمالية 1610 واط، ويدعم الصوت المحيطي ثلاثي الأبعاد ودولبي أتموس لتحقيق إحساس بالعمق والواقعية . كما أضيفت سماعات في مساند الرأس الأمامية لتعزيز تجربة الصوت المحيطي .
وعلى صعيد الشركات اليابانية، تعتمد لكزس نظام Mark Levinson الفاخر في طرازي LS وLX، حيث يبلغ عدد السماعات فيه 23–25 سماعة مدعومة بخاصية الصوت المحيطي ثلاثي الأبعاد، الأمر الذي ينتج صوتًا نقيًّا وواضحًا من كل مقعد .
أنظمة الصوت في السيارات المتوسطة والاقتصادية
لم تقتصر الأنظمة الصوتية المتطورة على السيارات الفاخرة فقط؛ بل باتت تستخدم أيضًا في الفئات المتوسطة والاقتصادية. فمثلاً، أبرمت تويوتا شراكة طويلة الأمد مع JBL منذ التسعينات لتصميم أنظمة صوت خاصة بسياراتها. وزُوّدت طرازات مثل كامري وكورولا وكورولا كروس بأنظمة JBL قياسية تحتوي 8–9 سماعات بقوة تقارب 800 واط . ولديه الأنظمة الأكثر قوة في موديلات أكبر، حيث يحتوي هايلاندر بنسخته المحدودة على 11 سماعة بقوة 1200 واط ، فيما تأتي شاحنة سكويا بنظام JBL بـ14 سماعة وقدرة 1200 واط مع تقنية QuantumLogic Surround لتحسين انتشار الصوت المحيطي . حتى السيارات الكهربائية والإضافية ضمن هذه الفئة استفادت من الترقية إلى أنظمة صوت متقدمة. ويجدر الذكر أن بعض شركات السيارات الفاخرة السابقة (مثل لينكولن) تقدم ضمن خياراتها أنظمة Revel من Harman بترتيب عالٍ من السماعات في طرازاتها الكبيرة.
التقنيات الصوتية الحديثة في السيارات
الصوت المحيطي ثلاثي الأبعاد ودعم Dolby Atmos: من أهم التطورات الحديثة هي تقنية الصوت المحيطي 3D، التي تنتقل فيها الأصوات ليس فقط بين اليسار واليمين والأمام والخلف بل حتى في الاتجاهين الرأسي والعامودي. على سبيل المثال، زودت شركة Polestar 3 نظامها الصوتي (المرتبط بـB&W) بتقنية Dolby Atmos بحيث تتحرك الأصوات الثلاثية الأبعاد في مقصورة السيارة . وفي سيارة Lucid Air Grand Touring، تم دمج نظام Surreal Sound Pro مع Dolby Atmos في 21 سماعة بما ينتج صوتًا ينتشر عموديًا وأفقيًا على السواء، مما يمنح طبقات إضافية من العمق والواقعية للموسيقى والتنبيهات .
إلغاء الضوضاء النشط: تستخدم العديد من الشركات تقنيات إلغاء الضوضاء النشط لتقليل الضوضاء الخارجية داخل المقصورة. فشركة Bose تقدم تقنية QuietComfort Road Noise Control التي تعتمد خوارزمية إلغاء شاملة باستخدام مستشعرات وتسجِّيل الميكروفونات لتوليد إشارة مضادة تلغي ضوضاء الطريق والإطارات في نطاق واسع من الترددات . وبالمثل، تحتوي سيارة Polestar 3 على نظام إلغاء ضجيج الطريق النشط المدمج مع نظام B&W، والذي يقلل ضوضاء الرياح والإطارات دون حجب الأصوات المهمة مثل صفارات الإنذار .
التحكم الذكي والمساعدات الصوتية: أصبحت الأنظمة الصوتية الحديثة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي ومساعدات الصوت. فقد تمكّن السيارات مثل Polestar 3 السائقين من التحكم بالصوتيات والمناخ عبر الأوامر الصوتية باستخدام مساعد Google المدمج ، مما يسمح للركاب بتغيير الموسيقى أو ضبط درجة الحرارة دون رفع يديهم عن المقود. إضافة إلى ذلك، توفر واجهات التحكم الحديثة مثل شاشة MMI في أودي ردود فعل لمسية وتفاعلية لضبط مستويات الصوت ومعادل الترددات بسهولة عبر اللمس . وقد طورت بعض الشركات واجهات مبتكرة، مثل نظام BeoSonic في بنتلي الذي يسمح باختيار “بيئات صوتية” مسبقة (مسبقات مثل Bright أو Warm) عبر شاشة لمسية لتحسين تجربة الاستماع .
معايير توزيع السماعات: يعتمد الصوت المحيطي على توزيع دقيق للسماعات داخل المقصورة. فمثلاً في نظام Bang & Olufsen ثلاثي الأبعاد تُوزع حتى 23 سماعة حول السيارة، بما في ذلك سماعات عالية مدمجة في أعمدة A وسقف السيارة . وفي بعض الأنظمة الفخمة تُضاف سماعات في مساند الرأس الأمامية لتعزيز الإحساس الثلاثي الأبعاد . وكما ذكرت فولفو، يتم وضع مضخم صوت مكشوف (“Subwoofer”) في منتصف لوحة القيادة مع سماعة عالية متكاملة هناك ، لتوفير صوت غامر يوجه الأصوات نحو السائق. تساهم هذه التوزيعات الذكية في ضمان وصول الصوت الواضح والمتوازن إلى كل الركاب بغض النظر عن موقعهم.
تأثير جودة الصوت على تجربة القيادة
تلعب جودة الصوت دورًا كبيرًا في رفاهية القيادة. فقد أظهرت الدراسات أن أنواعاً مختلفة من الموسيقى تؤثر في مزاج السائق؛ فالإيقاعات السريعة قد تزيد اليقظة والتركيز، في حين أن الموسيقى الهادئة قد تساعد على الاسترخاء . كما تشير تحليلات للهيئة الوطنية لسلامة المرور الأمريكية (NHTSA) إلى أن الاستماع إلى الموسيقى أثناء القيادة قد يقلل من الشعور بالملل والإرهاق على الطرق الطويلة، مما يحسن من يقظة السائق ويقلل مخاطر الحوادث . وبالتالي، يسهم نظام صوتي عالي الجودة في تعزيز راحة السائقين والركاب، فالصوت الواضح والمتوازن يضيف جوًا من الفخامة والمتعة للرحلة ويخفف من إجهاد القيادة، مُكمِّلًا عناصر الراحة الأخرى كالإضاءة الداخلية وأنظمة التدليك في المقاعد.