تؤدي بطاريات السيارات الكهربائية دورًا حاسمًا في دعم التحول بعيدًا عن مركبات الاحتراق الداخلي، مع أهداف خفض الانبعاثات والوصول للحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي (2050).
وبالطبع تتوقف قدرة إنتاج السيارات الكهربائية على البطاريات القابلة لإعادة الشحن، وهي -في الغالب- بطاريات الليثيوم أيون.
وتتوقع شركة الأبحاث، وود ماكنزي، ارتفاع سعة بطاريات الليثيوم عالميًا 5 مرات بحلول نهاية 2030، ليصل إجمالي القدرة التراكمية إلى 5500 غيغاواط/ساعة، بدعم الطلب من السيارات الكهربائية، والتي تمثّل 80% من استهلاك بطاريات الليثيوم.
وهناك حاجة مُلحّة لاستخدام بطاريات السيارات الكهربائية، رغم أنها مستهلكة للطاقة، وتعتمد على مواد خام باهظة الثمن، فضلًا عن أن إنتاجها نفسه مُضرّ بالبيئة، بحسب تقرير حديث نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن موقع إي إي تايمز (EE Times).
ولذلك من الضروري معرفة كيف يمكن أن يؤثّر تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية سلبًا في البيئة على مدار دورة حياتها.
أهمية بطاريات السيارات الكهربائية
تُعدّ بطاريات السيارات الكهربائية ضرورية لتزويد قطاع النقل بالطاقة النظيفة، وحماية البيئة من التداعيات السلبية للانبعاثات الكربونية الضارة.
وفضلًا عن البيئة، فإن النقل النظيف يمكن أن يقلل الوفيات الناتجة عن تلوث الهواء، كما هي الحال في الولايات المتحدة، والتي تشهد وفاة 20 ألف مواطن سنويًا؛ بسبب التلوث الزائد الناجم عن السيارات والشاحنات.
ولمنع هذه الأضرار، قدّم الرئيس الأميركي، جو بايدن، خطة بقيمة 3 مليارات دولار للاستثمار في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالولايات المتحدة، وهو ما يأتي ضمن الخطط العالمية التي سترفع الطلب على المعادن المهمة.
وحتى الآن، هناك اختلاف واضح بين الخطط العالمية الحالية لمكافحة تغيّر المناخ وتوافر الموارد المعدنية اللازمة لتحقيق تلك الطموحات.
وتتطلب السيارة الكهربائية 6 أمثال كمية المعادن المطلوبة في السيارة التقليدية، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.
كما تتركز هذه المعادن والعناصر الأرضية النادرة في أماكن محدودة على مستوى العالم؛ إذ يأتي 80% من واردات بطاريات الليثيوم أيون الأميركية من الصين، على سبيل المثال.
ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب على الليثيوم، المعروض من المعدن بحلول عام 2040، في حال عدم تعزيز استخراج هذا المعدن المهم بصناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
إذن، ماذا تعني الحاجة إلى المعادن الحيوية في صناعة السيارات الكهربائية بالنسبة للبيئة؟
“آلة تطبع النقود”.. ماسك يصف هذا المعدن بـ”النفط الجديد”! – GearsME (Gearsme.com)
الآثار البيئية والسياسية للبطاريات
يأتي التحرك نحو السيارات الكهربائية والحاجة إلى تعزيز سعة تخزين البطاريات عبر الشبكة الكهربائية مع العديد من التحديات السياسية والبيئية، على مدار دورة حياة البطاريات.
وتبدأ دورة حياة بطاريات السيارات الكهربائية مع بدء استخراج المعادن الضرورية لتصنيعها، وغالبًا هنا يكون معدن الليثيوم.
وتشمل الآثار الجانبية البيئية الشائعة لتعدين الليثيوم، فقدان المياه وزعزعة استقرار الأرض وفقدان التنوع البيولوجي وزيادة الملوحة في الأنهار القريبة وتلويث التربة والنفايات السامّة.
وأدت عمليات استخراج الليثيوم إلى خفض أعداد نوعين من طيور الفلامنجو في تشيلي، كما تُعرّض النظم البيئية في البحار العميقة للخطر.
وتهدد طفرة التعدين إمدادات المياه للمجتمعات المحلية، وتخلق هشاشة لمجتمعات السكان الأصليين، بحسب ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن التقرير.
أمّا بالنسبة إلى العاملين في قطاع التعدين، فإن العمل يتطلب مجهودًا بدنيًا، ورغم ذلك تكون الأجور متدنية.
ويتجلى ذلك في الكونغو الديمقراطية، وهي الدولة المنتجة لنحو 70% من إمدادات الكوبالت في العالم، لكن يأتي هذا في ظل ظروف العمل الخطرة، واستخدام عمالة الأطفال في عمليات التعدين.
ورغم أن التحركات لتوسيع إنتاج البطاريات تحمل تهديدًا أقلّ من الاستمرار في حرق الوقود الأحفوري، فإن هذا لا يعني تجاهل التداعيات السلبية لإنتاج البطاريات، بحسب التقرير.
وهنا يمكن أن تؤدي إعادة التدوير دورًا مهمًا في التقليل من التداعيات السلبية لاستخراج المزيد من المعادن الضرورية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
ماذا بعد نهاية العمر الافتراضي للبطارية؟
تعدّ المركبات الكهربائية بيئة صعبة للبطاريات؛ إذ تتحلل بطاريات الليثيوم أيون بشكل كبير مع مرور عمرها الافتراضي، ويبدأ التدهور في الدورة الأولى من التفريغ والشحن، ويصل في النهاية إلى عدم قدرة البطارية على توفير أداء مُرْضٍ في المركبات ذات الأحجام الكبيرة.
ومنذ أواخر العقد الماضي، تشهد الولايات المتحدة سحب ما بين 200 و500 ألف بطارية سيارة كهربائية سنويًا بعد انتهاء عمرها الافتراضي، مع توقعات ارتفاع هذا العدد إلى مليون وحدة بحلول 2025، ومليوني وحدة بحلول 2040، وفقًا للتقرير.
وهناك 5 مسارات قد تتعرض لها بطاريات السيارات الكهربائية بعد انتهاء عمرها الافتراضي، وهي: إعادة الاستخدام وإصلاح البطارية وإعادة التدوير والترميد والتخلص منها.
ونظرًا للمواد الكيميائية التي تحتويها البطارية، فإن التخلص غير السليم يمكن أن يؤدي إلى تلويث التربة والمياه الجوفية، وفق التقرير الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة.
بينما يشير الترميد إلى استخدام مواد البطاريات وقودًا لعمليات أخرى، ولكن هذه العملية تخاطر بإطلاق غازات سامّة في الهواء.
أمّا استعادة البطارية، أو إصلاحها، فهو خيار بين إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، يحدث فيها استعادة مواد الكاثود لتصنيع البطاريات دون أيّ معالجة إضافية.
بينما خيار إعادة الاستخدام يفتح العديد من المسارات التي يمكن فيها تجديد البطارية المستهلكة أو إعادة استخدامها مباشرة، إما في مركبة أخرى، أو لاستخدامات مختلفة.
ويُعدّ كل من إعادة التدوير وإعادة الاستخدام طريقة لإعطاء البطاريات دورة حياة ثانية، على الرغم من أن إعادة الاستخدام تتطلب معالجة أقلّ، بحسب التقرير.
وكما يشير التقرير، فإن الحكومات باتت تولي اهتمامًا كبيرًا لإعادة التدوير، رغم أنها عملية شاقة وخطيرة، سواء في فصل البطارية عن بعضها لاستخراج المعادن بداخلها، أو النقل والتخزين.
وفي النهاية، تبدو المركبات الكهربائية ليست الحلّ الأمثل لأزمتي الطاقة والمناخ في العالم، فرغم كونها خطوة في الاتجاه الصحيح، فإنها تترك أثرًا من الدمار، لذلك يجب أن تعمل الحكومات على تغيير سلوك المواطنين من أجل تقليل قيادة السيارات، بحسب التقرير.