شربل إبراهيم هو طفل لبناني يبلغ نحو 8 سنوات (ومن مواليد قضاء جبيل في لبنان) اكتسب شهرة واسعة بكونه أصغر سائق يقوم باستعراضات التفحيط (الدريفت) في العالم العربي . ظهرت موهبته في قيادة السيارات في سن مبكرة جدًا؛ فقد بدأ شربل بممارسة رياضة السيارات منذ الرابعة من عمره باستخدام سيارات الكارتينغ (السيارات الصغيرة المخصصة للصغار)، ومع بلوغه سن الثامنة كان قد أتقن فن التفحيط بسيارة حقيقية معدّلة خصيصًا له . يتميز شربل بجرأته وثقته العالية أثناء القيادة رغم صغر سنه، الأمر الذي جعله محط أنظار عشاق رياضة المحركات في لبنان وخارجه.

والداه وعائلته لعبوا دورًا أساسيًا في دعم موهبته، حيث وفروا له سيارة معدلة تتناسب مع حجمه الصغير لضمان سلامته أثناء التدريب. على سبيل المثال، تمت إطالة دواسات السيارة خصيصًا كي يتمكن شربل من الوصول إليها بقدميه والتحكم بها بشكل كامل . كذلك تم تجهيز السيارة بكافة وسائل الأمان المطلوبة من أحزمة ومقاعد خاصة وقفص حماية، وتتم تدريباته في حلبات مغلقة وتحت إشراف محترفين لضمان عدم تعرضه لأي خطر . هذا الحرص على إجراءات السلامة جاء ردًا على بعض المخاوف التي عبّر عنها متابعون بشأن خطورة قيام طفل في مثل سنه بهذه الاستعراضات الخطرة.

بداية الشهرة وأبرز مقاطع الفيديو

بدأت قصة شهرة شربل إبراهيم مع انتشار مقاطع فيديو له على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مهارته المذهلة في التفحيط وهو لم يزل في السابعة من عمره. في 3 أبريل 2024 تقريبًا، انتشر فيديو له بشكل واسع في لبنان ، يظهر فيه شربل وهو يقود سيارة والده المعدلة على إحدى الحلبات ويدور بها بانزلاقات جانبية حادة بثقة وإتقان كما يفعل السائقون المحترفون. أثار الفيديو دهشة المشاهدين نظرًا لصغر سن السائق، واعتُبر “مفاجأة مذهلة في عالم السيارات” إذ بدا المشهد غير مألوف أن نرى طفلًا يقود بهذه البراعة .

حصدت تلك المقاطع ملايين المشاهدات عبر منصات مثل إنستغرام وتيك توك، وبدأت الصفحات الإخبارية المحلية تتناقل خبر “أصغر مفحط في الشرق الأوسط”. إحدى صفحات قضاء جبيل وصفت شربل بأنه موهبة لا تُصدق بعد مشاهدته يقود بعمر ثماني سنوات تقريبًا . وتوالت بعدها التقارير الإعلامية عن هذه الظاهرة؛ فخلال عام 2024 ظهر شربل في عدة لقاءات مصوّرة محلية، وتمت دعوته للمشاركة في عروض سيارات حيث قدّم استعراضات أمام الجمهور.

من أبرز المحطات في مشواره الصغير كانت مشاركته في منافسات التفحيط للفئات العمرية الصغيرة. ورغم أنه كان الأصغر سنًا بين المشاركين، استطاع أن يلفت الأنظار بمهاراته. حصل شربل على جوائز تقديرية، منها جائزة لقبها “هونيجان” في مسابقة تفحيط مخصّصة للناشئين تحت 18 عامًا . هذه الجائزة جاءت بتشجيع من أبطال معروفين في رياضة الانجراف في لبنان؛ فقد تلقى شربل الدعم والتدريب من محترفين أمثال البطل اللبناني أوليفر كيك (Oliver Kik) في أكاديمية “درفت كنغ” الخاصة بتعليم التفحيط. بفضل هذا التدريب، تطورت مهاراته سريعًا وبات قادرًا على منافسة من يكبرونه سنًا في بعض الفعاليات.

شربل إبراهيم

مع نهاية 2024 وبداية 2025، انتقلت شهرة شربل خارج نطاق لبنان لتصل إلى وسائل إعلام عربية أوسع. ففي 29 مايو 2025 ظهر تقرير عنه ضمن برنامج صباحي على قناة سكاي نيوز عربية، وتم تقديمه على أنه “عاشق التفحيط وقيادة السيارات رغم سنه الصغير” ضمن فقرة تتناول المواهب غير الاعتيادية . وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من خطورة رياضة الدريفت فإنها تلقى رواجًا حتى بين الأطفال، وضرب مثالًا بشربل الذي أصبح نجمًا صغيرًا في هذا المجال . عرضت القناة لقطات لشربل وهو ينفذ انجرافات وتحكمًا رائعًا بسيارته، كما أجرت معه لقاء قصير أعرب فيه عن حبه لهذه الرياضة وطموحه بأن يصبح بطلًا معروفًا في سباقات الدريفت مستقبلًا.

مشاركته في فعالية سيارات بدبي

من الفيديوهات الشهيرة أيضًا مقطع نُشر على منصة تيك توك يظهر شربل خلال مشاركته في فعالية سيارات بدبي، حيث قدّم عرضًا حيًا أمام الجمهور. في هذا المقطع يقود شربل سيارته الـBMW المعدّلة ويؤدي حركات التفحيط بانسيابية وسط تصفيق وتشجيع الحاضرين . مثل هذه المقاطع عززت من شعبيته، حتى بات لديه حسابات على مواقع التواصل تُدار بإشراف والديه وتنشر أحدث إنجازاته وتدريباته أولًا بأول لجمهور من المتابعين المتحمسين.

تجدر الإشارة إلى أن تفاعل الجمهور مع ظاهرة شربل جاء متباينًا. فمعظم التعليقات كانت إيجابية ومشجعة، حيث أشاد المتابعون بموهبته الفريدة واعتبروه طفلًا خارقًا يمتلك قدرات غير عادية في القيادة . البعض أطلق عليه ألقابًا مثل “الطفل المعجزة” و”ملك الدريفت الصغير”. في المقابل، عبّر آخرون عن قلقهم ونصحوا بضرورة تنبيه شربل وتوعيته بمخاطر السرعة والتفحيط رغم الحلبات الآمنة . فقد رأى هؤلاء أن تشجيع طفل على هذه الحركات الخطرة قد يكون سلاحًا ذو حدين إذا لم يُحاط بالتوجيه الصحيح. وقد أخذ أهل شربل ومُدربوه هذه الملاحظات على محمل الجد، مؤكدين أن سلامته تأتي أولًا وأن ما يقوم به يتم ضمن نطاق رياضي منظم وليس على الطرق العامة.

شربل إبراهيم

ظاهرة التفحيط في العالم العربي

تُعد رياضة التفحيط – أو ما يُعرف أيضًا بـ”الدريفت” – ظاهرة ذات شعبية بين الشباب في عدد من دول المنطقة، خصوصًا في منطقة الخليج. التفحيط عبارة عن قيادة السيارة بسرعة عالية ومن ثم الدخول في انزلاقات جانبية وفقدان السيطرة بشكل متعمد ومُسيطر عليه، مما يخلق سحبًا من الدخان وصوتًا عاليًا صادرًا عن احتكاك الإطارات . نشأت هذه الممارسات في الشوارع كنوع من استعراض المهارة والإثارة. ويُشير المؤرخون الاجتماعيون إلى أن بدايات التفحيط كظاهرة مجتمعية برزت في المملكة العربية السعودية في الثمانينات من القرن العشرين . في ذلك الوقت، اعتبر بعض الشباب السعودي السيارات وسيلة للتعبير عن الحماس، خاصة في أعقاب انتصارات منتخب كرة القدم السعودي، فتحولت الاحتفالات بالفوز إلى استعراضات تفحيط بين الكثبان الرملية أولًا ثم في شوارع الرياض لاحقًا . وسرعان ما انتشرت هذه الثقافة عبر العقود اللاحقة مستفيدةً من ظهور كاميرات الهواتف ومنصات الفيديو، لتصبح مقاطع التفحيط من أكثر المحتويات انتشارًا بين فئة الشباب.

ورغم أن التفحيط انطلق كشكل غير رسمي من الترفيه الخطِر، إلا أنه تطوّر أيضًا كرياضة سيارات منظمة لها بطولاتها وقوانينها. في دول مثل لبنان والإمارات والأردن، تُنظّم مسابقات انجراف قانونية (مثل بطولات ريد بُل كار بارك درفت الشهيرة) حيث يتنافس السائقون المحترفون في حلبات مخصصة أمام جمهور كبير. هذه الفعاليات وفّرت بديلًا آمنًا للشباب المحب لهذه الهواية بعيدًا عن الطرق العامة. وبفضلها برز في العالم العربي أسماء أبطال في الدريفت على المستوى الدولي.

مع ذلك، يبقى التفحيط غير القانوني في الشوارع ظاهرة مقلقة للسلطات نظرًا لما يشكله من خطر على السلامة العامة. في السعودية مثلًا، تفيد التقارير أن حوادث التفحيط تسببت في وفيات وإصابات عديدة على مر السنوات، ما دفع الحكومة إلى سن قوانين صارمة لمكافحتها . كما انتشرت عبر الإعلام قصص مأساوية لشبان دفعوا حياتهم ثمنًا لهذه الممارسات الخطيرة؛ من أشهرها حادث وفاة المفحط السعودي المعروف بلقب “كنق النظيم” عام 2016 تقريبًا، حيث لقي حتفه في حادث مروّع أثناء ممارسته التفحيط في ساعة مبكرة من الصباح . مثل هذه الحوادث صدمت المجتمع وشكلت جرس إنذار حول خطورة ترك هذه الممارسات دون رقابة أو ردع.

تأثير شهرة المفحطين على فئة الشباب

إن بروز شخصيات مثل شربل إبراهيم – على الرغم من إيجابيته من زاوية اكتشاف المواهب المبكرة – يطرح تساؤلات حول تأثيرها على الأطفال والشباب عموماً. لا شك أن الشغف بالرياضة شيء جميل، وتوجيه الطاقات نحو هوايات مفيدة أفضل من ترك الشباب فريسة للملل أو السلوكيات الضارة. ظهور نموذج لطفل ناجح في مجال سباقات السيارات قد يُلهم أطفالًا آخرين لتطوير مهاراتهم والانخراط في رياضات المحركات بشكل آمن ومدروس. على سبيل المثال، قد يرغب كثير من الصغار الآن في خوض تجربة الكارتينغ أو تعلم القيادة في سن مبكرة أسوة بشربل، مما قد يكشف عن جيل جديد من المواهب العربية في سباقات السرعة مستقبلًا.

في المقابل، هناك جانب سلبي محتمل يتمثل في محاكاة هذه الاستعراضات بشكل طائش من قبل شباب غير مدرّبين أو في بيئات غير آمنة. فشهرة المفحطين الكبار على الإنترنت – سواء كانوا أطفالًا أم بالغين – قد تدفع بعض المراهقين لتقليدهم بغرض كسب الاهتمام أو إثبات الذات أمام الأقران. ومع انتشار منصات مثل يوتيوب وتيك توك، أصبح الإغراء بالانتشار دافعًا لكثيرين لتجربة أفعال خطيرة وتصويرها أملاً في نيل الشهرة. وقد حذرت سلطات المرور مرارًا من هذه السلوكيات، مؤكدةً أن تمجيد المفحطين عبر منحهم ألقابًا وانتشار مقاطعهم قد يشجع آخرين على التجربة. ولعل ذلك كان أحد أسباب اعتماد العقوبات الشديدة؛ فمثلاً جاء حكم المحكمة السعودية بإعدام أحد المفحطين رسالة ردع للآخرين بأن نهاية هذا الطريق قد تكون مأساوية .

من ناحية أخرى، تفاعل الجمهور مع شهرة أمثال شربل إبراهيم يسلّط الضوء على المسؤولية الجماعية. فبينما أشاد الكثيرون بموهبته، هناك أيضًا من نبّه إلى ضرورة عدم تغليب الحماس على السلامة . بعض المعلقين عبر الإنترنت أعربوا عن أملهم في ألا يكون شربل وغيره من الأطفال عرضة للاستغلال الإعلامي أو التشجيع غير المنضبط الذي قد يعرّضهم للخطر. كما دعا آخرون الأهالي إلى مراقبة أبنائهم الذين يتابعون هكذا محتويات، والتأكد من أنهم يدركون أن ما يرونه تم ضمن ظروف مدروسة وليس دعوةً للقيام بالمثل في الشوارع.

جدير بالذكر أن أسرة شربل نفسها تعي هذا التأثير، وقد أكد والده في تصريحات محلية أن ابنه لن يقود سيارة على الطرق العامة قبل السن القانوني، وأن ما يفعله الآن هو في إطار تدريب رياضي احترافي الهدف منه صقل مهارته للمستقبل وليس كسر القوانين . هذا التوازن في الرسالة مهم جدًا؛ فهو يوضح للأطفال الآخرين أن التفحيط ليس لعبة يمكن ممارستها بحرية في أي مكان وزمان، بل هو رياضة لها ضوابطها ومحاذيرها.

شربل إبراهيم: بطلًا عالميًا في رياضة الدريفت

في المحصلة، يمكن القول إن شخصية مثل شربل إبراهيم هو نموذج ملهم يثبت أن العمر الصغير لا يقف عائقًا أمام تحقيق الإنجازات إذا توفرت الموهبة والرعاية. ومن جهة أخرى، قصته تذكير بمدى جاذبية المخاطرة لعقول الصغار والمراهقين، ما يستدعي مضاعفة الجهود لتوجيه هذه الجاذبية نحو الطريق الصحيح. شربل نفسه يطمح أن يكبر ليصبح بطلًا عالميًا في رياضة الدريفت، وهو حلم مشروع وجميل. التحدي الأكبر يكمن في أن تُواكب المجتمع والجهات المسؤولة هذه الظاهرة عبر توفير مزيد من الأطر الآمنة للشباب لممارسة شغفهم بالسيارات، وإبقائهم في الوقت ذاته على وعي بأن سلامتهم وسلامة الآخرين هي الأولوية القصوى دائمًا. بهذه المعادلة يمكن تحويل شغف التفحيط من مشكلة على الطرقات إلى إنجازات رياضية ترفع اسم المنطقة في المحافل الدولية.

أستون مارتن تكشف عن “فالكيري لوم