تحتفل المملكة العربية السعودية هذا العام بيومها الوطني الـ95، ليس فقط بذكرى التوحيد وبناء الدولة، بل أيضًا بثمار التحول الكبير الذي انطلق منذ إطلاق رؤية 2030 عام 2016. هذه الرؤية الطموحة التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أصبحت خارطة طريق لإعادة صياغة الاقتصاد، تطوير البنية التحتية، والنهوض بالمجتمع نحو آفاق جديدة.
شعار اليوم الوطني لهذا العام «عزّنا بطبعنا» يعكس قيم الكرم والأصالة والطموح، بينما يتكامل مع «عزّنا برؤيتنا» ليؤكد أن الفخر اليوم ليس فقط بجذورنا، بل أيضًا بما نصنعه من مستقبل.
اقتصاد يتخطى التريليون
من أبرز إنجازات الرؤية تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. فقد تجاوز الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 حاجز التريليون دولار، ليصل إلى 4.2 تريليون ريال سعودي، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ المملكة.
كما قفزت أصول صندوق الاستثمارات العامة (PIF) من نحو 570 مليار ريال في 2015 إلى أكثر من 3.4 تريليون ريال بنهاية 2024، ما جعله واحدًا من أقوى صناديق الثروة السيادية في العالم، ومحرّكًا رئيسيًا لمشاريع التنمية الضخمة.
مشاريع كبرى تعيد رسم المشهد
تتصدر المشاريع العملاقة (Giga Projects) واجهة التحول الوطني، لتكون واجهة المملكة للعالم:
- نيوم: مدينة المستقبل التي ستصبح مركزًا عالميًا للتقنية والطاقة النظيفة.
- مشروع البحر الأحمر: وجهة سياحية فاخرة على جزر طبيعية بكر.
- القدية: عاصمة الترفيه والرياضة والثقافة.
- أمالا وتروجينا: وجهات فاخرة تجمع بين السياحة الصحية والمغامرات الجبلية.
- الدرعية: مهد الدولة السعودية تتحول إلى مركز تراثي وثقافي عالمي.
- مترو الرياض: نقلة نوعية في وسائل النقل العام الحديثة.
هذه المشاريع ليست مبانٍ فقط، بل هي رموز لطموح المملكة في أن تكون مركزًا عالميًا للسياحة والاقتصاد والمعيشة العصرية.
مسكن لكل أسرة وحياة أفضل للمجتمع
وضعت الرؤية المواطن في قلب أولوياتها، ومن أبرز إنجازاتها برنامج “سكني” الذي رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن من 47% عام 2016 إلى نحو 65.4% بحلول 2024، مع هدف للوصول إلى 70% بحلول 2030.
كما انطلقت مبادرات كبرى مثل “الرياض الخضراء” و**“حديقة الملك سلمان”** لتحويل المدن السعودية إلى فضاءات أكثر حيوية وبيئة مستدامة، ما يعزز جودة الحياة ويجعلها من بين الأفضل عالميًا.
وضعت المملكة ملف البيئة في صميم أجندتها عبر مبادرة السعودية الخضراء، التي تستهدف زراعة المليارات من الأشجار وخفض الانبعاثات الكربونية، إلى جانب الاستثمار الضخم في الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر.
هذه المشاريع تجعل من السعودية لاعبًا محوريًا في معادلة الطاقة النظيفة عالميًا، وتؤسس لاقتصاد مستدام يحافظ على البيئة للأجيال القادمة.
ثقافة وترفيه وسياحة بلا حدود
غيّرت رؤية 2030 المشهد الثقافي والترفيهي في المملكة:
- استضافة بطولات عالمية مثل الفورمولا 1، والملاكمة، وكأس السوبر الإسباني.
- تنظيم مهرجانات موسيقية وفنية جذبت أبرز نجوم العالم.
- الترويج لمناطق سياحية مثل العلا وعسير وشواطئ البحر الأحمر كوجهات عالمية.
هذه التحولات جعلت السعودية أكثر انفتاحًا على العالم، وأغنت حياة المواطنين والمقيمين بتجارب جديدة كانت حكرًا على السفر إلى الخارج. إلى جانب الإنجازات الملموسة، قامت المملكة بإصلاحات عميقة في القوانين والإجراءات لتسهيل بيئة الأعمال، وتحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
كما شهدت السنوات الماضية زيادة ملحوظة في مشاركة المرأة في سوق العمل، وهو ما يعكس التحولات الاجتماعية التي تتماشى مع طموحات الرؤية.
الطريق إلى 2030: الطموح لا يتوقف
لا تزال هناك محطات مهمة في الأفق، أبرزها:
- رفع عدد السياح الدوليين إلى 100 مليون زائر سنويًا.
- مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة.
- تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية.
- دعم الابتكار وريادة الأعمال لتمكين جيل جديد من القادة.
خاتمة: وطن يفخر بماضيه ويصنع مستقبله
في يومها الوطني الـ95، تحتفل السعودية بتاريخها العريق، لكنها تنظر أيضًا إلى المستقبل الذي تُعيد صياغته من خلال رؤية 2030.
من مدن المستقبل إلى المشاريع الخضراء، ومن الثقافة والترفيه إلى الرياضة العالمية، تثبت المملكة أنها متجذّرة في الأصالة، ومندفعة نحو التحديث والابتكار.
وإذا كانت السنوات التسع الماضية قد شهدت إنجازات بهذا الحجم، فإن السنوات المقبلة حتى 2030 تحمل بلا شك المزيد من التحولات التي ستجعل السعودية واحدة من أبرز قصص النجاح على الساحة العالمية.