شهدت السعودية نموًا كبيرًا في صناعة الألعاب الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة، مدعومًا برؤية 2030 وإطلاق استراتيجيات وطنية. ففي عام 2022 أقرّت المملكة استراتيجية وطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية تتضمن إنشاء هيئة متخصصة لتطوير القطاع وتقديم الدعم المالي واللوجستي وتنظيم الفعاليات . كما أطلق ولي العهد بطولة “كأس العالم للرياضات الإلكترونية” في الرياض صيف 2024، لتحل محل مهرجان Gamers8، بمشاركة أكثر من 1500 لاعب حول العالم وجوائز تجاوزت 60 مليون دولار . وفي 19 ديسمبر 2023، وافق مجلس الوزراء على تأسيس «الهيئة السعودية للألعاب والرياضات الإلكترونية» لتنظيم القطاع وتنميته . ونتيجة لهذه الجهود، أصبح 67% من سكان المملكة (حوالي 23.5 مليون شخص) من عشاق ألعاب الفيديو ، ويتوقع أن يصل حجم سوق الألعاب إلى 10 مليارات ريال بحلول 2026 .
أبرز الألعاب الشعبية بين اللاعبين السعوديين
يهيمن الألعاب المحمولة وتطبيقات الهاتف على الاهتمام الشعبي بين السعوديين، مدعومة بانتشار الهواتف الذكية والبنية التحتية المتطورة. أظهرت بيانات أن الأجهزة الذكية تحتل الصدارة بنسبة 24.2% من منصات اللعب، تليها أجهزة بلايستيشن بنسبة 23.8% . من أشهر الألعاب التي يفضلها اللاعبون السعوديون على الهواتف: وايت أوت سيرفايفل (Whiteout Survival)، روبلوكس (Roblox)، صب واي سيرفرز (Subway Surfers)، ببجي موبايل (PUBG Mobile)، وجارينا فري فاير (Free Fire) . كما تحظى ألعاب الفيديو العالمية الشهيرة بإقبال واسع، مثل ألعاب الباتل رويال (Fortnite), ومحاكيات البناء (Minecraft), والألعاب الرياضية (FIFA وغيرها)، بالإضافة إلى الألعاب الإلكترونية الاستراتيجية والتنافسية المتعددة اللاعبين التي تشتهر في البطولات العالمية.
دور الحكومة والمبادرات الداعمة للقطاع
أولت الحكومة السعودية اهتمامًا كبيرًا لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية. أقرّت الاستراتيجية الوطنية 2022 إنشاء هيئة متخصصة وتقديم حوافز للشركات الناشئة وتنظيم فعاليات ومسابقات . وجرى إطلاق برامج حكومية لتمكين المطورين المحليين، منها حاضنات ومسرّعات ألعاب (مثل برنامج «رواد الألعاب السعودية» من وزارة الاتصالات) لتدريب رواد الأعمال وإطلاق ألعابهم تجاريًا. كما استحوذت الدولة عبر صندوق الاستثمارات العامة على شركات عالمية في الألعاب، واستثمرت شركة «سافي للألعاب» المملوكة للصندوق نحو 50 مليار ريال في تطوير الألعاب والنشر العالمي . ويشرف الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية (تأسس 2017) على تنظيم البطولات الوطنية وتصنيف الفرق واللاعبين. وتطمح الاستراتيجية إلى أن يسهم هذا القطاع بما يزيد على 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) من الناتج المحلي بحلول 2030 وتوفير نحو 39 ألف وظيفة جديدة .
البطولات والمسابقات المحلية والدولية وأبرز الفرق
استضافت السعودية العديد من البطولات العالمية والإقليمية. أبرزها بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية (النسخة الأولى صيف 2024 والثانية صيف 2025) التي تقام في الرياض بمشاركة آلاف اللاعبين وأندية عالمية. ففي 2025 يتنافس نحو 2000 لاعب من 200 نادٍ في أكثر من 24 لعبة (مثل League of Legends، وDota 2، وPUBG Mobile، وCS2، وFortnite، وFIFA وغيرها)، على جوائز تتجاوز 70 مليون دولار . كما قررت اللجنة الأولمبية الدولية عقد أول “أولمبياد للألعاب الإلكترونية” في السعودية عام 2025 ، مما يعكس مكانة المملكة كوجهة عالمية للألعاب. أمّا على المستوى المحلي، فقد انتشرت بطولات وطنية وثانوية وجامعية تحت إشراف الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، وعقدت فعاليات في موسم الرياض والألعاب الصيفية وغيرها. وبرزت أندية سعودية مثل فريق فالكونز، الذي فاز بلقب البطولة العالمية 2024 وحصل على 7 ملايين دولار بعد تفوقه في بطولتي Call of Duty: Warzone وFree Fire . وبشكل عام، تجاوز عدد اللاعبين المحترفين السعوديين (الذين يمارسون الرياضات الإلكترونية بشكل متفرّغ) مئة لاعب ، يشاركون في بطولات دولية باسم المملكة.
الأثر الاقتصادي لقطاع الألعاب الإلكترونية
تشير الإحصاءات إلى أن قطاع الألعاب أصبح محركًا اقتصاديًا مهمًا. وفقًا لتقارير رسمية، بلغ حجم سوق الألعاب في السعودية نحو 3.75 مليار ريال عام 2023 . وتستورد السعودية أجهزة الألعاب (أجهزة تحكم ووحدات بلايستيشن وإكس بوكس وغيرها) بكميات ضخمة؛ فقد بلغت واردات أجهزة ألعاب الفيديو حوالي 2.43 مليون جهاز في عامَي 2024 و2025 مجتمعة . وتتوقع الدراسات نمواً كبيراً في السوق، حيث قد تصل قيمته إلى 10 مليارات ريال بحلول 2026 . كما تستقطب هذه الصناعة استثمارات حكومية وخاصة هائلة؛ فشركة «سافي» وحدها استثمرت نحو 50 مليار ريال في تطوير الألعاب . وتستهدف استراتيجية رؤية 2030 أن يسهم القطاع بما يزيد عن 50 مليار ريال في الناتج المحلي بحلول 2030، ويوفر عشرات الآلاف من الوظائف . وتشمل القيمة الاقتصادية الملاعب والبطولات العملاقة: فقد بلغت الجوائز المالية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2024 نحو 225 مليون ريال (~60 مليون دولار) ، مما يؤكد دور الفعاليات الرقمية في جذب السياحة وتنشيط اقتصاد الترفيه.
العام | حجم السوق (مليار ريال) | عدد اللاعبين |
2023 | 3.75 | 23.5 مليون (67% من السكان) |
2026 (متوقع) | 10.0 | – |
الأثر الاجتماعي والثقافي للألعاب الإلكترونية
تزخر الألعاب الإلكترونية بتأثيرات اجتماعية وثقافية متنوعة. فمن الجانب الإيجابي، تعتبر اليوم وسائط ثقافية وتعليمية تواصل بين الأجيال وشكلًا من أشكال الثقافة الرقمية. يصف خبراء الألعاب أنها أصبحت “وسائطَ ثقافية وتعليمية، وقوةً ناعمة تتجاوز الحدود” ، حيث تتيح للشباب السعودي التعبير عن إبداعهم، وتربطهم بمجتمعات عالمية، وتدعم مهارات تقنية مثل البرمجة والتفكير الاستراتيجي. كما توفر هذه الرياضات مجالات ترفيهية متطورة تجمع بين الترفيه والتعلم، ونجد أن بعض الألعاب التعليمية تتجه نحو تنمية المهارات المعرفية ضمن الثقافة المحلية. غير أن هناك تحديات اجتماعية مصاحبة: فقد لوحظ أن الإفراط في اللعب قد يزيد وقت الشاشة بشكل يثير قلقًا صحيًا ونفسيًا. تشير تقديرات إلى أن كثيرًا من الشباب الصغار يقضون أوقاتًا طويلة أمام الألعاب، ما قد يؤثر سلبًا على الصحة الجسدية (مثل قلة النشاط البدني) والنفسية (كالإدمان أو العزلة) . وقد لاحظ متخصصون عالمياً أن حوالي 10% من اللاعبين يعانون من إدمان ألعاب الفيديو بمستويات تتطلب تدخلًا . من هنا دعت بعض الأصوات إلى ضرورات الرقابة الأسرية والمجتمعية، ووضع ضوابط في بيئة اللعب للحد من الآثار الضارة. وفي المجمل، تستثمر السعودية في التوعية حول الاستخدام الآمن للألعاب وتوازنها مع النشاطات الأخرى، سعيًا لاستغلال فوائده الثقافية والتعليمية مع التخفيف من مخاطره.
GAMES OF THE FUTURE اختيار دبي لاستضافة ألعاب المستقبل – GearsME